الحمد لله رب العالمين...والصلاة والسلام على خاتم النبيين وسيد المرسلين.وعلى آله الطيبين وصحابته الغر الميامين إلى يوم الدين.....وبعد:
إن المتأمل والباحث في مذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية وجده يحوي كل الآراء والأقوال التي وردت عن فرق الشيعة الغلاة الأخرى التي اندثرت والتي لم تندثر, وكان مأوىً لأفكار أولئك الذين أرادوا الطعن في الإسلام والقضاء عليه من اليهود والشعوبيين(من الفرس وغيرهم) الذين عجزوا عن القضاء عليه بقوة السلاح فلجئوا إلى التستر بالإسلام وإظهار التشيع لأهل البيت ليغتر بهم العوام فيدسوا أفكارهم بينهم.
* فمن الباحثين من يرى أن أصل التشيع ذو صبغة يهودية وذلك لأن ابن سبأ كان أول من قال بالنص على إمامة علي رضي الله عنه بعد النبي صلى الله عليه وسلم, وأنه وصيُّه، وقال بالرجعة، وابن سبأ يهودي، وهذه الآراء صارت بعد ذلك من أصول المذهب الشيعي.وكذلك عقيدة البداء التي تسربت إليهم من اليهود, وما ذكروه عن المهدي(القائم) من أنه بعد خروجه سيذبح العرب ويقتلهم شر قتلة وأنه سيهدم الكعبة وأنه سيحكم بحكم آل داود, وغير ذلك مما تجده كثير الشبه بما يذكره اليهود عن مسيحهم الموعود. وقد عقد الكليني في كتابه الكافي(1/397) بابًا في أن الأئمة عليهم السلام إذا ظهر أمرُهم حكموا بحكم آل داود، ولا يسألون البيِّنة ثم روى عن أبي عبد الله(جعفر الصادق) قال: إذا قام قائم آل محمّد حكم بحكم داود وسليمان ولا يسأل بينة".
وقد قال بهذا الرأي- أي:التشيع ذو صبغة يهودية - جمع من الباحثين منهم الأستاذ أحمد أمين، حيث قال: "فاليهودية ظهرت في التشيع بالقول بالرجعة، وقالت الشيعة: إن النار محرمة على الشيعي إلا قليلاً كما قال اليهود: {لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّامًا مَّعْدُودَةً}[البقرة:80]. والنصرانية ظهرت في التشيع في قول بعضهم: إن نسبة الإمام إلى الله كنسبة المسيح إليه..." [انظر: فجر الإسلام ص: 437] ويرى المستشرق جولد تسيهر أن فكرة الرجعة تسربت إلى التشيع من طريق المؤثرات اليهودية والنصرانية (انظر: العقيدة والشريعة ص 215).
* ومن الباحثين من يرى القول بالأصل الفارسي ( فارسية التشيع ): لأن العرب تدين بالحرية، والفرس يدينون بالملك والوراثة في البيت المالك، وقد اعتاد الفرس أن ينظروا إلى الملك نظرة فيها معنى التقديس، فنظر الشيعة الإمامية هذا النظر نفسه إلى علي رضي الله عنه وذريته.
يقول الشيخ محمد أبو زهرة: "إنا نعتقد أن الشيعة قد تأثروا بالأفكار الفارسية حول الملك والوراثة، والتشابه بين مذهبهم ونظام الملك الفارسي واضح، ويزكي هذا أن أكثر أهل فارس من الشيعة، وأن الشيعة الأولين كانوا من فارس" [محمد أبو زهرة/ تاريخ المذاهب الإسلامية: 1/38]. [وانظر:ابن حزم/ الفصل: 2/273 ]
وذلك واضح أيضًا في أنهم جعلوا الإمامة في أولاد الحسين دون أولاد الحسن رضي الله عنهما – مع أن الحسن هو الأكبر- وذلك لأن بنت كسرى كانت تحت الحسين رضي الله عنهما.
وأيضًا يظهر ذلك بجلاء فيما رواه المجلسي عن علي أمير المؤمنين: (إن الله قد خلصه -أي كسرى- من النار وإن النار محرمة عليه) (بحار الأنوار: 41/4).
ويتجلى ذلك أيضًا في شدة بغضهم للخليفة الراشد العادل, فاروق الأمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه, وهم وإن كانوا يبغضون معظم الصحابة ويكفرونهم لأنهم رضوا ببيعة أبي بكر وعمر وعثمان قبل علي رضي الله عنهم أجمعين, وسأكتفي –فقط-بذكر مثالين على ذلك من كتبهم فهم يرون عن أبي جعفر كذبا أنه قال :
1 - كان الناس أهل الردة بعد النبي إلا ثلاثة - وذكره كبير مؤرخي الشيعة الكشى في رجاله(ص:12) "
2 - وروى الكشي(ص 13) أيضا عن حمدويه قال : قال أيوب بن نوح عن محمد بن الفضل وصفوان عن أبي خالد القماط عن حمران قال : قلت لأبي جعفر "ع" ما اقلنا لو اجتمعنا على شاة ما أفنيناها ؟ قال . فقال : ألا أخبرك بأعجب من ذلك ؟ قال . فقلت بلى . قال : المهاجرون والأنصار ذهبوا ... إلا ثلاثة "
ولكن تجدهم يبغضون عمرًا بدرجة أكبر ,حتى بلغت الحماقة بأحد خطبائهم المعاصرين أن يقول في المسجد ما حاصله:إن أسوأ الناس منزلة في النار وأشدهم عذابًا هو عمر فهو في الدرك الأسفل وأعلى منه أبو بكر وأعلى منهما إبليس(الشيطان) .فالشيطان- على ذلك أفضل منهما- ولا حول ولا قوة إلا بالله. وفي كتبهم : يفسرون الجبت والطاغوت الوارد في قوله سبحانه { ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ..} .، يفسرونهما بصاحبي رسول الله صلى الله عليه وسلم ووزيريه وصهريه وخليفتيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما
ويروون كذبًا عن أبي جعفر في قول الله { وقال الشيطان لما قضي الأمر..)أنه قال هو الثاني وليس في القرآن {وقال الشيطان} إلا وهو الثاني. يعنون بالثاني عمر رضي الله عنه - وعن زرارة عن أبي جعفر في قوله تعالى : { لتركبن طبقاً عن طبق} قال يازرارة أو لم تركب هذه الأمة بعد نبيها طبقاًً عن طبق في أمر فلان وفلان وفلان- يعنون أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم , وغير ذلك كثير جدًا.
بل قد بلغت بهم أخلاقهم أن ينعتوا عمر رضي الله عنه بنعوت قبيحة , فهم يصفونه - وهو الزكي الطاهر- بالفاحشة التي انتشرت في قوم لوط كما يقول شيخهم الضال نعمة الله الجزائري : (( عمر بن الخطاب في دبره داء لايشفى إلا بماء الرجال، فهو مما يؤتي في دبره .
وقال : روى العياشي حديثا بمعنى ذلك, ولكنه لم يذكر الحديث ))
كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا.قاتلهم الله أنَّى يؤفكون.
والسر في ذلك- كما لا يخفي- يرجع إلى أن عمر هو الذي جيش الجيوش لغزو فارس , وفتحت فارس في عصره وسقطت هذه الامبراطورية العتيقة التي طالما حاربت الله تعالى, وتسلم عمر رضي الله عنه كنوز كسرى, مما جعل هؤلاء الشعوبيين المتحسرين على ملكهم الضائع يخططون لقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه, ونجح في قتله أبو لؤلؤة المجوسي – غلام المغيرة بن شعبة رضي الله عنه- فطعنه وهو يصلي, وتوارثوا بغض عمر رضي الله عنه على مر الدهور, وإلى الآن تراهم يحتفلون في إيران بهذا المجوسي اللعين أبي لؤلؤة الذي قتل الخليفة العادل الذي طهر بلادهم من الوثنية وعبادة النار.
وكأنه قد شق عليهم أن يصفه النبي صلى الله عليه وسلم بالعلم فاتهموه هم بالجهل , إذ كيف يوصف عدوهم الأول بالعلم, وظنوا أن الناس سيتركون وصف النبي صلى الله عليه وسلم له بالعلم ويتبعون أقوالهم هم التي دلسوا بها على قرائهم .فهذا الخوميني آيتهم العظمى في هذا العصر -بعد أن اتهم الشيخين أبا بكر وعمر بالجهل- يقول " وإن مثل هؤلاء الأفراد الجهال الحمقى والأفاقون والجائرون غير جديرين بأن يكونوا في موقع الإمامة وأن يكونوا ضمن أولى الأمر ".
وقد انبرى بعضهم فجمع من بطون كتب أهل السنة من الآثار ما يروق له أن يستنبط منها بفهمه المريض وقلبه الحقود أن عمر رضي الله عنه كان جاهلًا بأحكام الشرع , ولأن هذا الشيعي ليس منصفًا ولا باحثًا عن الحق قام بترك الأحاديث والآثار الصحيحة المحكمة الواضحة المعنى التي تدل على فضل وعلم عمر رضي الله عنه , ثم أتي إلى الآثار التي يمكن حملها على أكثر من معنى فيؤَوِّلها على ما يوافق هواه المريض مستدلاً بها على جهل عمر, مع أن هذه الآثار غالبها ضعيف السند لا حجة فيه , وقليل منها صحيح السند, ومع ذلك فإن كل هذه الآثار – الصحيح منها والضعيف- يمكن حمل معناها على غير ما يفسرها به هذا الحقود المبغض لأولياء الله تعالى. والمتأمل لهذا الكتاب يجد صاحبه قد سلك فيه مسلك المستشرقين الذين يطعنون على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى الإسلام بالإتيان ببعض النصوص التي تخدم أهدافهم – سواء كانت صحيحة أو ضعيفة وهو الأكثر- ثم يتصرفون في هذه النصوص بقلب المعاني والتأويل الباطل ليخدم أهدافهم ويكثرون من الأسئلة التي قد يقف أمامها العامي البسيط الذي لا علم له متحيرًا وبذلك يشككونه في معتقده, وهذا الأسلوب يُسمى بأسلوب( وضع السُّم في الدسم ) فاتبع هذا الرافضي نفس الأسلوب الذي لو صح له لصح للمستشرقين إنكارهم لنبوة محمدٍ صلى الله عليه وسلم. وأهل الزيغ والريب دائمًا يتبعون المتشابه - الذي يحتمل أكثر من معنى- من القول ويبتعدون عن المحكم الواضح كما قال تعالى : {فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ}[آل عمران:7] لذلك تجد أصحاب هذا الأسلوب يهربون من النصوص المحكمة الواضحة الدلالة لأنها حجة قوية عليهم , وإذا رُدَّ عليهم بها قالوا: لا نعترف بها فهي مكذوبة. مع أنها أصح وأقوى مما يذكرون. لذا تجده في نهاية بحثه هذا قال:
هذا قليل من كثير مما وقفنا عليه من نوادر الأثر في علم عمر، وبوسعنا الآن أن نأتي بأضعاف ما سردناه لكنا تقتصر على هذا رعاية لمقتضى الحال، وعندنا لمة جمة نقدمها بين يدين القارئ في مستقبل الأجزاء إنشاء الله تعالى، والذي تلخص من هذا البحث الضافي أمور:
1 - إن الخليفة- يعني عمر- أخذ العلم عن أناس من الصحابة حيث كان يفقد ما عندهم من الفقه وفيهم من لم يعرف بالعلم .....وذكر بعضهم...
ولكثرة حاجته إلى علم الصحابة، وتقويمهم أوداه في مواقف لا تحصى في القضاء والفتيا, كان يستفتي كبار الصحابة ويراجعهم ويستشيرهم في الأحكام، وكان يعرب عن جلية الحال بحق المقال من قوله: كل أحد أفقه من عمر..
وقوله: تسمعونني أقول مثل القول فلا تنكرونه حتى ترد علي امرأة ليست من أعلم النساء.
وقوله: كل أحد أعلم من عمر.
وقوله: كل الناس أفقه منك يا عمر.
وقوله: كل الناس أفقه من عمر حتى ربات الحجال.
وقوله: كل الناس أفقه من عمر حتى المخدرات في البيوت.
وقوله: كل الناس أعلم منك يا عمر.
وقوله: كل واحد أفقه منك حتى العجائز يا عمر.
وقوله: كل أحد أفقه مني. مر تفصيل هذه كلها في نوادر الأثر.
إن هناك أحاديث موضوعة تذكر في فضائل عمر لا تلتئم مع شيئ مما ذكرناه بأسانيده الوثيقة، وكل من ذلك يفندها، منها ما يعزى إليه صلى الله عليه وآله وسلم من قول: لو لم أبعث فيكم لبعث عمر.
ورواية: لو لم أبعث لبعثت يا عمر.
ورواية: لو كان نبي بعدي لكان عمر بن الخطاب.
ورواية: قد كان في الأمم محدثون فإن يكن في أمتي أحد فهو عمر.
ورواية: إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه.
وراية: إن الله ضرب بالحق على لسان عمر وقلبه.
ومنها ما رووه عن علي أمير المؤمنين عليه السلام من قول: كنا نتحدث إن ملكا ينطق على لسان عمر.
وقوله: ما كنا نبعد أن السكينة تنطق على لسان عمر.....
ثم حكم بهواه على كل الأحاديث والآثار التي تبين فضل عمر وعلمه بأنها كاذبة.وهكذا دائمًا أهل البدع يردون ما خالف رأيهم وإن كان أصح الأسانيد....
ففي بحثه هذا عاب على عمر أنه كان يستشير الصحابة , والعالم بالشيء ينبغي عليه ألا يستشير. وكأن الشورى الذي هو مبدأ قرآني وطبَّقه الرسول صلى الله عليه وسلم صار عيبًا, وعاب عليه كلماته التي كان يقولها على سبيل التواضع وهضم النفس واعتبر أن عمر قالها اعترافًا منه بجهله وقلة علمه, واعتبر تعففه وتنزُّهُه عن قبول الهدايا التي أهديت لأولاده وزوجته-عندما كان أميرًا للمؤمنين-حيث قام عمر بأخذ ما زاد منها ورده إلى بيت مال المسلمين, اعتبر ذلك دليلاً على جهله وظلمه, وانتقص- أيضًا- عمر عندما طبق حد القذف - كما أمر الله تعالى - على من رموا أحد الصحابة بالزنى ,ولو ترك عمر إقامة الحد عليهم لاتخذها هذا الرافضي أيضًا حجة عليه وقال لقد ترك إقامة الحدود. فانظر كيف جعل المناقب والفضائل مثالبًا ومعائبًا.وهذا شأن كل من في قلبه مرض .وما مثل هذا الرافضي إلا كرجل في حلقه داء كلما ذاق شيئًا وجده مرًا ولو كان هذا الشيء هو الشهد (العسل), أيكون العيب في الشهد أم في ذوق الرجل.
وَمَن يَكُ ذا فَمٍ مُرٍّ مَريضٍ........ يَجِِدْ مرًا به الماءَ الزُّلالا .
وحتي يتضح لكل منصف وعاقل زيف دعاوي هؤلاء المبغضين الحاقدين أبدأ بذكر طرفٍ من الآيات والأحاديث التي تبين فضل عمر وعلمه وسأكتفي بذكر بعضها فقط مما ورد في صحيحي البخاري ومسلم أو أحدهما الذين هما أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى باتفاق علماء الأمة ومحدثيها.
1- قال تعالى:{لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً }[الفتح18] ولا ينكر أحد من الموافقين أو المخالفين أن عمر ممن بايع تحت الشجرة. وإني أسأل هؤلاء الروافض: أليس الله عز وجل قد رضي عن المؤمنين الذين بايعوا تحت الشجرة كما هو مفهوم الآية؟ وهل من رضي الله عنه يضره سخط الحاقدين؟ وأي الفريقين على الحق:من ترضى على من رضي الله عنه أم من كرههم وأبغضهم وقد رضي الله عنهم؟
2- قال تعالى:{وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }[التوبة100] ولا يشك عاقل في أن عمر بن الخطاب من السابقين الأولين من المهاجرين الذين رضي الله عنهم وأعد لهم جنات تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً...كما بينت الآية الكريمة. فهل بعد كلام الله تعالى كلام؟ وهل بعد بيان الله تعالى بيان؟ قاتل الله الأفاكين.
3- قال تعالى:{ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِّنْ أَثَرِ ٱلسُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي ٱلإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَٱسْتَغْلَظَ فَٱسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ ٱلزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ ٱلْكُفَّارَ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً }[ سورة الفتح:آية29]
4- فقال تعالى: { لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى}{الحديد:10} أي: الذين أنفقوا من قبل الفتح وجاهدوا - ومنهم عمر رضي الله عنه- أفضل درجة من الذين أنفقوا من بعد الفتح وجاهدوا , وكلا الفريقين(مَن قبل الفتح ومَن بعده) وعدهم الله تبارك وتعالى الحسنى , وماذا يترتب على وعد الله تبارك وتعالى بالحسنى؟ يترتب عليه الجنة كما قال الله تعالى { إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ}{الأنبياء:101-102} فكيف يتجرأ الروافض على الطعن في أناسٍ بلغوا العلى وحطوا رحالهم في الجنة. ورضي الله عنهم ورضوا عنه.فانظر كيف يصنع الهوى بأهله وكيف جعلهم صموا وعموا عن الحق. نعوذ بالله من اتباع الهوى.
5- ومن أراد الزيادة في بيان فضل الصحابة- ولا شك في أن عمر من رؤسهم- فليدخل على الرابط الآتي:
- و عَنْ أَبُي أُمَامَةَ بْنُ سَهْلٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ النَّاسَ يُعْرَضُونَ وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ , مِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثُّدِيَّ وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ دُونَ ذَلِكَ وَمَرَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ يَجُرُّهُ" قَالُوا: مَاذَا أَوَّلْتَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: الدِّينَ"[متفق عليه]
- وعن سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي عَلَى قَلِيبٍ عَلَيْهَا دَلْوٌ فَنَزَعْتُ مِنْهَا مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَخَذَهَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ فَنَزَعَ بِهَا ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ وَفِي نَزْعِهِ- وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ- ضَعْفٌ, ثُمَّ اسْتَحَالَتْ غَرْبًا فَأَخَذَهَا ابْنُ الْخَطَّابِ فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا مِنْ النَّاسِ يَنْزِعُ نَزْعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ"[متفق عليه]
وفي رواية لمسلم: فَجَاءَ ابْنُ الْخَطَّابِ فَأَخَذَ مِنْهُ فَلَمْ أَرَ نَزْعَ رَجُلٍ قَطُّ أَقْوَى مِنْهُ حَتَّى تَوَلَّى النَّاسُ وَالْحَوْضُ مَلْآنُ يَتَفَجَّرُ"
-وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أُرِيتُ كَأَنِّي أَنْزِعُ بِدَلْوِ بَكْرَةٍ عَلَى قَلِيبٍ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ فَنَزَعَ نَزْعًا ضَعِيفًا وَاللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَغْفِرُ لَهُ ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ فَاسْتَقَى فَاسْتَحَالَتْ غَرْبًا فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا مِنْ النَّاسِ يَفْرِي فَرْيَهُ حَتَّى رَوِيَ النَّاسُ وَضَرَبُوا الْعَطَنَ"[متفق عليه]
- وعَنْ جَابِرٍ:عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَرَأَيْتُ فِيهَا دَارًا أَوْ قَصْرًا فَقُلْتُ لِمَنْ هَذَا فَقَالُوا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَ فَذَكَرْتُ غَيْرَتَكَ " فَبَكَى عُمَرُ وَقَالَ :أَيْ رَسُولَ اللَّهِ أَوَ عَلَيْكَ يُغَارُ.[متفق عليه]
- وعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:" بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ رَأَيْتُنِي فِي الْجَنَّةِ فَإِذَا امْرَأَةٌ تَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ فَقُلْتُ لِمَنْ هَذَا فَقَالُوا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَذَكَرْتُ غَيْرَةَ عُمَرَ فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا" قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَبَكَى عُمَرُ وَنَحْنُ جَمِيعًا فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ عُمَرُ: بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعَلَيْكَ أَغَارُ.[متفق عليه]
- وعن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: اسْتَأْذَنَ عُمَرُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ نِسَاءٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُكَلِّمْنَهُ وَيَسْتَكْثِرْنَهُ عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ قُمْنَ يَبْتَدِرْنَ الْحِجَابَ فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضْحَكُ فَقَالَ عُمَرُ: أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَجِبْتُ مِنْ هَؤُلَاءِ اللَّاتِي كُنَّ عِنْدِي فَلَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ ابْتَدَرْنَ الْحِجَابَ " قَالَ عُمَرُ: فَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يَهَبْنَ , ثُمَّ قَالَ عُمَرُ: أَيْ عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ أَتَهَبْنَنِي وَلَا تَهَبْنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْنَ نَعَمْ أَنْتَ أَغْلَظُ وَأَفَظُّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ قَطُّ سَالِكًا فَجًّا إِلَّا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ"[متفق عليه]
-وروى مسلم: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ نِسْوَةٌ قَدْ رَفَعْنَ أَصْوَاتَهُنَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ ابْتَدَرْنَ الْحِجَابَ... فَذَكَرَ نَحْوَ حديث سعد السابق.
-و شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بأنه مُحَدَّث مُلهَم :فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: قَدْ كَانَ يَكُونُ فِي الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ مُحَدَّثُونَ فَإِنْ يَكُنْ فِي أُمَّتِي مِنْهُمْ أَحَدٌ فَإِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ مِنْهُمْ"
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ تَفْسِيرُ مُحَدَّثُونَ مُلْهَمُونَ .[رواه مسلم]
وقال أَبُو عِيسَى الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ .قَالَ :حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِ سُفْيَانَ قَالَ :قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: مُحَدَّثُونَ يَعْنِي مُفَهَّمُونَ
- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّهُ قَدْ كَانَ فِيمَا مَضَى قَبْلَكُمْ مِنْ الْأُمَمِ مُحَدَّثُونَ وَإِنَّهُ إِنْ كَانَ فِي أُمَّتِي هَذِهِ مِنْهُمْ فَإِنَّهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ" [رواه البخاري]
- عَنْ أَبِي مُوسَى الأشعري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ فَجَاءَ رَجُلٌ فَاسْتَفْتَحَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ فَفَتَحْتُ لَهُ فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ فَبَشَّرْتُهُ بِمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ فَاسْتَفْتَحَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ فَفَتَحْتُ لَهُ فَإِذَا هُوَ عُمَرُ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ اسْتَفْتَحَ رَجُلٌ فَقَالَ لِي افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تُصِيبُهُ فَإِذَا عُثْمَانُ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ"[رواه البخاري]
وقَالَ أَبُو عِيسَى الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ وَفِي الْبَاب عَنْ جَابِرٍ وَابْنِ عُمَرَ"
- عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:شَهِدَ عِنْدِي رِجَالٌ مَرْضِيُّونَوَأَرْضَاهُمْ عِنْدِي عُمَرُأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَشْرُقَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ".[رواه البخاري] والحديث يبين مكانة عمر عند ابن عباس رضي الله عنه كما يبين علمه بأوقات الصلوات.
- وهذه شهادة من علي بن أبي طالب رضي الله عنه لعمر فعَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: وُضِعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ-رضي الله عنه- عَلَى سَرِيرِهِ فَتَكَنَّفَهُ النَّاسُ يَدْعُونَ وَيُثْنُونَ وَيُصَلُّونَ عَلَيْهِ, قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ, وَأَنَا فِيهِمْ, قَالَ: فَلَمْ يَرُعْنِي إِلَّا بِرَجُلٍ قَدْ أَخَذَ بِمَنْكِبِي مِنْ وَرَائِي فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ عَلِيٌّ-رضي الله عنه- فَتَرَحَّمَ عَلَى عُمَرَ وَقَالَ: مَا خَلَّفْتَ أَحَدًا أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِمِثْلِ عَمَلِهِ مِنْكَ وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَظُنُّ أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَ صَاحِبَيْكَ وَذَاكَ أَنِّي كُنْتُ أُكَثِّرُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: جِئْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَدَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَخَرَجْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ, فَإِنْ كُنْتُ لَأَرْجُو- أَوْ لَأَظُنُّ - أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَهُمَا"[متفق عليه]
- وقال محمد بن الحنفية لأبيه علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَبُو بَكْرٍ, قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ عُمَرُ ,وَخَشِيتُ أَنْ يَقُولَ عُثْمَانُ, قُلْتُ: ثُمَّ أَنْتَ قَالَ: مَا أَنَا إِلَّا رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ" [رواه البخاري].
فهذه شهادة علي رضي الله تعالى عنه لعمر ولأبي بكر رضي الله عنهما, ونحن نحبه ونصدقه فو الله ما كان كذابًا حتى نترك قوله.ومن ترك قوله هم المبغضون له وإن ادعوا محبته زورًا وكذبًا.وكم من منافق كذاب دعيّ يقول بلسانه ما ليس في قلبه.
* بعض الأدلة على علم عمر:
أولاً- جاء القرآن الكريم بموافقة رأي عمر بن الخطاب في عدة مسائل مما يدل على سعة علمه رضي الله عنه وبراءة فطرته وقوة ذكائه- وكيف لا وهو المحدَّث الملهم- إذ يصيب رأيه الحق فيأتي القرآن بتأييده:
- عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلَاثٍ فِي مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ وَفِي الْحِجَابِ وَفِي أُسَارَى بَدْرٍ.[رواه مسلم]
- وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ :قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلَاثٍ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ اتَّخَذْنَا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى فَنَزَلَتْ:
{ وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى }
وَآيَةُ الْحِجَابِ .قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَمَرْتَ نِسَاءَكَ أَنْ يَحْتَجِبْنَ فَإِنَّهُ يُكَلِّمُهُنَّ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ فَنَزَلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ.
وَاجْتَمَعَ نِسَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْغَيْرَةِ عَلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُنَّ:
{ عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبَدِّلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ }
فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ" [رواه البخاري]
- عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ جَاءَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ قَمِيصَهُ أَنْ يُكَفِّنَ فِيهِ أَبَاهُ فَأَعْطَاهُ, ثُمَّ سَأَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ, فَقَامَ عُمَرُ فَأَخَذَ بِثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُصَلِّي عَلَيْهِ وَقَدْ نَهَاكَ اللَّهُ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّمَا خَيَّرَنِي اللَّهُ فَقَالَ:
{ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً }
وَسَأَزِيدُ عَلَى سَبْعِينَ.قَالَ: إِنَّهُ مُنَافِقٌ. فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:{ وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ }[متفق عليه]
وَزَادَ مسلم في رواية له"قَالَ: فَتَرَكَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِمْ".
ثانيًا : عندما أشيع في المجتمع المدني في عصر النبوة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طلق نساءه ذهب عمر بن الخطاب رضي الله عنه لاستنباط الأمر ومعرفة حقيقته وتبين له عم صحة هذه الإشاعة,وصفه الله تعالى بأنه من أولي العلم الذين يستنبطون الحق, ونزل قول الله تعالى: {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً }[النساء:83] وسأورد تفصيل القصة كما رواها مسلم في صحيحه:عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ:
لَمَّا اعْتَزَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ قَالَ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا النَّاسُ يَنْكُتُونَ بِالْحَصَى وَيَقُولُونَ طَلَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ, وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُؤْمَرْنَ بِالْحِجَابِ, فَقَالَ عُمَرُ فَقُلْتُ لَأَعْلَمَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ, قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَقُلْتُ يَا بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ أَقَدْ بَلَغَ مِنْ شَأْنِكِ أَنْ تُؤْذِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: مَا لِي وَمَا لَكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ عَلَيْكَ بِعَيْبَتِكَ. قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ فَقُلْتُ لَهَا يَا حَفْصَةُ أَقَدْ بَلَغَ مِنْ شَأْنِكِ أَنْ تُؤْذِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُحِبُّكِ وَلَوْلَا أَنَا لَطَلَّقَكِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَكَتْ أَشَدَّ الْبُكَاءِ فَقُلْتُ لَهَا: أَيْنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟قَالَتْ: هُوَ فِي خِزَانَتِهِ فِي الْمَشْرُبَةِ, فَدَخَلْتُ, فَإِذَا أَنَا بِرَبَاحٍ غُلَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدًا عَلَى أُسْكُفَّةِ الْمَشْرُبَةِ مُدَلٍّ رِجْلَيْهِ عَلَى نَقِيرٍ مِنْ خَشَبٍ وَهُوَ جِذْعٌ يَرْقَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَنْحَدِرُ. فَنَادَيْتُ :يَا رَبَاحُ اسْتَأْذِنْ لِي عِنْدَكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَظَرَ رَبَاحٌ إِلَى الْغُرْفَةِ ثُمَّ نَظَرَ إِلَيَّ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا, ثُمَّ قُلْتُ :يَا رَبَاحُ اسْتَأْذِنْ لِي عِنْدَكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَظَرَ رَبَاحٌ إِلَى الْغُرْفَةِ, ثُمَّ نَظَرَ إِلَيَّ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا, ثُمَّ رَفَعْتُ صَوْتِي فَقُلْتُ: يَا رَبَاحُ اسْتَأْذِنْ لِي عِنْدَكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظَنَّ أَنِّي جِئْتُ مِنْ أَجْلِ حَفْصَةَ وَاللَّهِ لَئِنْ أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضَرْبِ عُنُقِهَا لَأَضْرِبَنَّ عُنُقَهَا, وَرَفَعْتُ صَوْتِي, فَأَوْمَأَ إِلَيَّ أَنْ ارْقَهْ فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى حَصِيرٍ فَجَلَسْتُ فَأَدْنَى عَلَيْهِ إِزَارَهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَإِذَا الْحَصِيرُ قَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِهِ فَنَظَرْتُ بِبَصَرِي فِي خِزَانَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا أَنَا بِقَبْضَةٍ مِنْ شَعِيرٍ نَحْوِ الصَّاعِ وَمِثْلِهَا قَرَظًا فِي نَاحِيَةِ الْغُرْفَةِ وَإِذَا أَفِيقٌ مُعَلَّقٌ. قَالَ: فَابْتَدَرَتْ عَيْنَايَ قَالَ: مَا يُبْكِيكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟ قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَمَا لِي لَا أَبْكِي وَهَذَا الْحَصِيرُ قَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِكَ ,وَهَذِهِ خِزَانَتُكَ لَا أَرَى فِيهَا إِلَّا مَا أَرَى, وَذَاكَ قَيْصَرُ وَكِسْرَى فِي الثِّمَارِ وَالْأَنْهَارِ وَأَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَفْوَتُهُ وَهَذِهِ خِزَانَتُكَ فَقَالَ: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ أَلَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَنَا الْآخِرَةُ وَلَهُمْ الدُّنْيَا؟ قُلْتُ :بَلَى .قَالَ: وَدَخَلْتُ عَلَيْهِ حِينَ دَخَلْتُ وَأَنَا أَرَى فِي وَجْهِهِ الْغَضَبَ, فَقُلْتُ :يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يَشُقُّ عَلَيْكَ مِنْ شَأْنِ النِّسَاءِ فَإِنْ كُنْتَ طَلَّقْتَهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مَعَكَ وَمَلَائِكَتَهُ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَأَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَالْمُؤْمِنُونَ مَعَكَ .وَقَلَّمَا تَكَلَّمْتُ - وَأَحْمَدُ اللَّهَ- بِكَلَامٍ إِلَّا رَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ يُصَدِّقُ قَوْلِي الَّذِي أَقُولُ, وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ آيَةُ التَّخْيِيرِ:{ عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ }
{ وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ }
وَكَانَتْ عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ وَحَفْصَةُ تَظَاهَرَانِ عَلَى سَائِرِ نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَطَلَّقْتَهُنَّ؟ قَالَ: لَا. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ وَالْمُسْلِمُونَ يَنْكُتُونَ بِالْحَصَى يَقُولُونَ طَلَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ, أَفَأَنْزِلُ فَأُخْبِرَهُمْ أَنَّكَ لَمْ تُطَلِّقْهُنَّ؟ قَالَ :نَعَمْ إِنْ شِئْتَ. فَلَمْ أَزَلْ أُحَدِّثُهُ حَتَّى تَحَسَّرَ الْغَضَبُ عَنْ وَجْهِهِ, وَحَتَّى كَشَرَ فَضَحِكَ ,وَكَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ ثَغْرًا ,ثُمَّ نَزَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَزَلْتُ,فَنَزَلْتُ أَتَشَبَّثُ بِالْجِذْعِ وَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَنَّمَا يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ, مَا يَمَسُّهُ بِيَدِهِ, فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا كُنْتَ فِي الْغُرْفَةِ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ. قَالَ: إِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ. فَقُمْتُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فَنَادَيْتُ بِأَعْلَى صَوْتِي لَمْ يُطَلِّقْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ , وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ:{ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنْ الْأَمْنِ أَوْ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ }.
ثالثًا:عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ رَأَيْتُ قَدَحًا أُتِيتُ بِهِ فِيهِ لَبَنٌ فَشَرِبْتُ مِنْهُ حَتَّى إِنِّي لَأَرَى الرِّيَّ يَجْرِي فِي أَظْفَارِي ثُمَّ أَعْطَيْتُ فَضْلِي عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالُوا فَمَا أَوَّلْتَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: الْعِلْمَ"[متفق عليه]
فهذا الحديث – وهو في أعلى درجات الصحة- يدل دلالة واضحة على أن عمر قد امتلأ علمًا . ليس ذلك حكمًا ولا اسنباطًا من قول أحد من سائر الأمة بل هو قول الرسول صلى الله عليه وسلم المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى فقد وصفه الله تعالى بأنه (ما ينطق عن الهوى *إن هو إلاَّ وحي يوحى)[النجم:3-4]ولم يصف الله تعالى أحدًا في القرآن بهذا الوصف إلاَّ النبي صلى الله عليه وسلم, لذا فلا عصمة لأحد بعده , وكل إنسان بعده مهما بلغ من العلم يخطئ و يصيب , ويُقبل منه أشياء ويُرد عليه أشياء, وإنما يبلغ العالم المكانة السامية والدرجة العالية بكثرة ما يصيب فيه وقلة ما يخطيء فيه.
فكيف يجرؤ أحدٌ كائنًا من كان على وصف عمر رضي الله عنه بالجهل بعدما وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بالعلم.
· هذا نذر يسير لبيان ذلك الأمر ولم أذكر فيه ثناء كثير من الصحابة على عمر ووصفهم له بسعة العلم ومنهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه .
· أضف إلى ذلك الأحاديث التي رواها عمر بن الخطاب في أبواب العلم المتعددة والتي ذكرها أصحاب الصحاح والسنن والمسانيد في كتبهم.فقد روى عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة.
ذكر له بقي بن مخلد في مسنده : خمس مئة حديث وسبعة وثلاثين حديثاً.
وقال أبو نعيم الأصبهاني: "أسند عمر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من المتون سوى الطرق مائتي حديث ونيفاً".
فأما الذي أخرج له في الصحاح؛ ففي الصحيحين أحد وثمانون حديثاً، المتفق عليه من ذلك ستة وعشرون حديثاً، وانفرد البخاري بأربعة وثلاثين، ومسلم بأحد وعشرين.
ولا شك أنه قد شغلته الخلافة وأمور المسلمين عن رواية كل ما عنده من العلم, وهذا شأن كل من ولي الخلافة أو تقدمت وفاته. أما من تأخرت وفاته أو تفرغ لتبليغ العلم فقد كثرت مروياته.
· وإنما أردت الاختصار لضيق الوقت, وفي حين فسحة من الوقت سأقوم-إن شاء الله تعالى- بتفنيد شبهات هذا الرافضي شبهة شبهة وبيان عوارها وبيان ضلال منهجه في البحث وأنه بنفس أسلوبه يمكن الطعن على أعلم الناس بعدم العلم, وكذلك يمكن الطعن على أئمته أنفسهم , وليس ذلك اتهامًا منا لأحد وإنما لبيان فساد هذا المنهج الذي سلكه هذا الرافضي.
· هذا...ومن أراد الزيادة في فضائل عمر رضي الله عنه فليطالع مناقب عمر من الصحيحين وكتب السنن, بالإضافة إلى الكتب التي صُنفت في سيرة عمر بن الخطاب خاصة ككتاب السيوطي وابن الجوزي وابن عبد الهادي وغيرهم مع مراعاة أنهم يجمعون الصحيح والضعيف.
· والحمد لله أولاً وآخرًا....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق